الثلاثاء، 5 أبريل 2016

إفتتاحية:

باسم الله العليم الخبير الحق الحكيم ، والصلاة على محمد وآله والصحب.
لأهمية وعمق وخطورة إشكالية خطابنا الإسلامي علينا وعلى كل العالم حاضرا ومستقبلا، إرتأيت أن تتكون إفتتاحية بحثنا هذا :
 ( نحو خطاب إسلامي - قرآني سني- شامل) 
 أن تتكون من عدة مقدمات:
 مقدمة أولى : أحدد فيها منهجيتي الخاصة في البحث، حتى لا أدعي المنهج النبوي الكامل،
فمقدمة ثانية : عن أهمية وخطورة الموضوع ،
ثم مقدمة ثالثة كمدخل عام لإشكاليات هذا البحث المركب والمتشابك:
المقدمة الأولى:
فلقد تفضل الله علي و منذ الصبا فالشباب -ولله الحمد-  بالتفتح على كل التيارات الإسلامية،  فالعلمانية منها، ثم جل التيارات الفكرية العالمية، مما جعلني ألاحظ ومبكرا بأن ( الإسلام واحد )، لكن (الفهم فيه يتعدد) ، بل وأقتنع بأن الوعي بالدين ليس بمستوى واحد ، وكنت أظن بأن كل المتحدثين في الإسلام وكل المفكرين فيه وكل أتباع  المذاهب يعرفون هاته الحقيقة، لأفاجأ مع ظهور( السلفية ) بالمغرب وبعد إنتمائي الصوفي بعكس هذا ، فلقد فوجئت بذنب إدعاء المنهج النبوي والصحابي الكامل عند العديد من الفقهاء والعلماء والمفكرين وكذا شيوخ التربية لحد تكلم بعضنا كأنبياء من حيث لا نشعر ..
فجل المتمذهبين ومنذ العصور الأولى للإسلام نسوا ولا زالوا ينسون بأن الفهومات أنواع وألوان ومستويات ، وبأن التمذهب إجتهاد داخل إسلامنا الذي هو دين لعدة مذاهب لا دين لمذهب واحد: إذ (الإسلام دين لا مذهب فقط).
فالتصوف ومهما كان سنيا ليس هو كل الإسلام،
وكذا التسلف : ومهما كان سلفيا ليس هو كل الإسلام. 
كما أن كل إجتهادات فكرنا الإسلامي ليست ولن تسع كل دقائق وكل حقائق القرآن الكريم ، ولا كل عمق السنة الشريفة.، ومهما تعمقت فهوماتنا وسمت ثقافتنا وحكمتنا، فلن نصل للفهم النبوي في كمالاته ، إذ كان يخاطبنا صلوات الله عليه بما لا تعيى العقول به، وبعقل وروح وجسد غزوا السماوات السبع ، وحتى سدرة المنتهى ..
 فكيف ندعي أو نصل إلى كمال فهمه السني المطلق ؟..
لذا كان وسيظل الإسلام دين لعدة مذاهب ، وكان وستبقى السنة النبوية في إطلاقها ومهما إدعينا الشمول نسبية بنا ، وفي كل مذاهبنا :
وكصوفي سني مومن بأن الفهم العميق للإسلام لن يكون قرآنيا دون سنة، أستثني من هذا البحث كل المذاهب الشيعية ، ولا أتموقف ضدها كلها ، إذ لنا كسنيين مئات المؤاخذات عليها ... وحتى منهجيا ...
 لكني أومن بأن لكل مذهب تاريخه وجغرافيته ، وبأن فتيل الخلاف السني الشيعي الذي نعيشه حاليا مصيدة صهيونية قد أحبكت لنا كأمة بكل مكر ، وبإمتياز وللأسف...
فاللهم إحقن دماء الخلاف السلفي الشيعي حاضرا ومستقبلا يا رب... :
ولهذا أستثني من بحثي هذا كل الإجتهادات الشيعية..
لأؤكد بأن الإسلام سنيا -وبكل موضوعية-  دين لعدة مذاهب ومدارس سنية ، وليس دينا لمذهب ولا مدرسة واحدة ، ولا بد من قبول الإختلاف :
والإختلاف يعني تعدد الفهومات وتعدد مستوياتها فتعدد مشاربنا ثم مذاهبنا .
إذ يؤثر وعي وثقافة وبيئة المجتهد وعقله عموما في إجتهاده وتدينه مهما يكن مذهبه أو مستواه الدراسي، بل ومهما سمت حكمته أو علت عبقريته...
لكني على يقين بأن هناك الثابت في الإسلام : والذي هو فقه الحلال والحرام ، وكذا كل العقائد والعبادات، إذ لا يمكن أن نحرم ما أحل السلف الصالح ولا تحريم ما حرموه، كما لا يمكن المناداة بعقيدة تخالف التوحيد الخالص لله تعالى أو تخالف الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره وكل أركان وفرائض وفروع الإيمان، كما إنزلق ولا زال ينزلق بعض المتعلمنين وبعض المتمصوفين ، وكذا بعض التسلفيين..............................
 لكن بعيدا عن هذا الثابت العملي يتفاوت بل ويختلف الوعي العلمي بالدين والفهم فيه، وذلك حسب تكوين وعقلية المجتهد ، ومهما إدعى الموضوعية...
 فالذاتية تتدخل حتى في العلوم الحقة فكيف لا في الفهومات؟.
ومن هنا وغيره أتى الإختلاف في الإجتهاد الذي يحاول بعض المتمذهبين أن يحولوه إلى خلاف عداء ودماء داخل مذاهبنا السنية ...
 بل وحتى داخل تياراتها السلفية  وطرائقها الصوفية...  
إذ كما أشار حبيبي في الله الدكتور طه عبد الرحمان، وحتى لا أطيل في هذا الباب: أقول :
بأن هناك في الفهم الإسلامي ثلاث عقول:
- العقل المجرد: كعقل كل العلمانيين الباحثين في علوم وفقهيات الإسلام دون ممارسة عملية وهؤلاء لا يعتد بكلامهم فقهيا ، ولا حق لهم في الإفتاء ، مهما إستفدنا من إجتهاداتهم الفكرية، فللإفتاء الفقهي العملي فقهاؤه ومجتهدوه...
- العقل المسدد بالعمل : وهذا عقل الفقهاء العاملين والمفتين ثم كل المخلصين في عباداتهم وتوحيدهم لله وتقواهم : (واتقوا الله ويعلمكم الله) : فهناك علم نقلي من أجل التقوى ثم علم من التقوى ، وجل السلفيين وللأسف يغرقون بمنهجهم العملي هذا في علوم التقوى فقط . كما يغرق جل أولياء الله تعالى من الصوفية في سلوك ما بعد التقوى وفي فقه القلوب والتربية الروحية التي تتطلب فقه الإحسان لا فرائض الإسلام وبعض السنن الظاهرة فقط.
- العقل المؤيد بالإلهامات والواردات : وهذا عقل الأولياء قدس الله أسرارهم..
بهاته الحمولة المتشابكة، وبعقل ولله الحمد مسدد بالعمل الفقهي السني أولا، فعقل مؤيد بالإلهامات والرؤى كانت منهجية هذا البحث ، أو على الأقل كان عقلي:
فتكويني علمي تجريبي فعلوم إقتصادية مما فتح وعيي ولله الحمد على جل مناهج البحث ،وعلى جل المدارس الفكرية العربية والعالمية،ومنذ 30 سنة وأنا عاكف ولحد الآن على التربية الروحية سنيا وعلى البحث العلمي في كل المذهبية الإسلامية، بعد أن كانت كل بداياتي فقهية سلفية:
 فلقد بدأت قراءة صحيح البخاري منذ الصبا وجالست معظم الحركات السنية السلفية والإخوانية وطنيا وعالميا،لألاحظ  ومنذ الشباب بأن الفقه السلفي للعمل وليس للثقافة: فمعظم السلفيين يزلون كلما تكلموا في مواضيع فكرية أو حقائق صوفية بعيدة عن إختصاصهم.
كما أن كل أحزاب الإسلام السياسي فشلت وستزيد فشلا لأنها تخلت عن مبدئيتها وفقهياتها وكل علومها بل وعن قرآنها وعن سنتها النبوية في الإصلاح.
كما أن بعض ممارسات التمصوف لا علاقة لها ب(فقه الإحسان) كفقه صوفي وسلوك قلبي وروحي عند العديد ممن يدعون التصوف، وخصوصا القبوريين منهم ، فأولياء الله حقا قدس الله أسرارهم يتبرأون من كل الممارسات الشركية على قبورهم... بينما شطحاتهم الحركية والقولية فرعونات وأحوال لا بد منها لبعض الأرواح الخفيفة أمام الواردات والإلهامات والهواتف والأذواق الصوفية كحقائق : (ومن ذاق عرف):
إذ كل العرفان ذوق أولا..
ولهذا لا آخذ من المدرسة السلفية سوى فقه العمل، كما أؤكد بأن عقيدة الحلول والإتحاد والوحدة الصوفية ستبقى شركيات عند كل من يأخذها في ظاهرها وصورها المادية، فهي أحوال لا مقامات: إذ لا تصوف لمن لم يغرق في المعاني ولم يكسر المباني والأواني ذوقيا..
 فكما أؤكد على حدود وسلبيات المنهج السلفي ، أجزم بأن هناك أيضا بدع وشركيات في الممارسة الصوفية، وليس في فقه التصوف السني الإحساني الحق:
فبالعمل الفقهي أعبد الله عمليا وظاهرا، بينما أسلك قلبيا وروحيا بالتصوف السني وعن إلهامات وواردات وحقائق لحد علم فعين ثم حق اليقين ولله الحمد.
(كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين)
(إن هذا لهو حق اليقين فسبح باسم ربك العظيم
بينما فكريا :
(فأينما كان الحق فذاك المذهب) ، والبحث عن الحقيقة وعن الحق أسمى عقيدة ..
أوليس الحق إلهنا وربنا ؟..
أو لا يأمرنا القرآن بالبحث والإعتراف بالحق:
لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ )
فلماذا لا نبحث عن الحقيقة وعن الحق؟؟
ولماذا جل عقولنا اليوم ليست في مستوى البحث الحق عن الحقيقة والفهم السليم للقرآن سنيا؟ لماذا؟
بل ولماذا جل المتمذهبين ينفون الحق عن غيرهم ويدعون الإرث النبوي الكامل وليس الشامل فقط ؟؟
لهذا كفرت بكل أحزاب الإسلام السياسي ، لا فقه السياسة الشرعية الحقة.........
وبكل هاته الإشكالات وهذا العقل المركب أكتب هذا البحث المعقد والخطير حاضرا ومستقبلا ، وكل الأمل توفقي في الإقناع :
1-بأن لكل مذهب أو تيار حدوده وآفاقه وإيجابياته وسلبياته ، 
2- وبأننا نعيش أزمة خطاب إسلامي توجب الإسراع بالحلول : .
المقدمة الثانية : عن أهمية وخطورة الموضوع:

 

12


11


10


9


8


7